وحين رمت حبة الفستق...
راحت تشكّل الغيمات، وتجعل منها مجسمات يسهل على الصغار معرفتها. كانت ترمي حبات الفستق، تتأمل من يلتقطها، وتضحك من ردة فعله. «نعم، السماء تمطر فستقاً، فهات قنينة النبيذ الأحمر، وأشرب نخب من تركوك وحيداً...».
سألته: ماذا تفعل حين تسكر؟ أجاب: أحب أن أضاجع عينيك. فقط عينيك! ففيهما تكمن شهوتك، ورائحتك. فيهما ألحظ معاناتك، نضالك، طفولتك، ومن عينيك أعلم أسرار علاقاتك السابقة، العابرة منها والجدية، وأرى فيهما معالم جسدك وخباياه.
سألها: ماذا تفعلين أنت حين تسكرين؟ أجابت: تجتاحني نوبات.
تجتاحني نوبة من الخيانة...
اتركوها. فهي لم تكن على علم. قلبها الرقيق والطيب يجعلها تخون حتى ذاتها. ولكن ماذا عن التجربة؟ كانت تعلم أنها ترتكب خطيئة وتستمر. ربما هو الفضول لاكتشاف الخيانة، أو للتمعن بما كان محجوبا عنها بفعل غطاء الصدق والإخلاص.
حين ذاقت أول قبلة لها على شفتها السفلى، كانت أيضاً بدافع الفضول والحشرية في تجربة تلك القبلة الأولى. لكنها سرعان ما انغمست في مرحلة عذاب الضمير، خيانتها لثقة والديها. في تلك اللحظات، تقطع عهداً على ذاتها بان لا تكررها ثانية، وبأن الجميع معرضون لارتكاب المعاصي. ولكن سرعان ما يتبخر ذلك الإحساس، وتصير تلك المعصية الصغيرة متعتها الذي يصر عليها حبيبها، وهي لا تملك سوى أن تضعف أمام عينيه.
وتستمر الخطيئة، ويستمر عذاب الضمير باتجاهاته المتعددة.
وتجتاحني نوبة من ذكريات...
أعود فيها دائماً إلى عمر الخامسة عشرة. فإلى اليوم، أشعر أني أقف على حافة ذلك العمر، وأخاف أن أعبرها. منذ ذلك الحين، أشعر بأني لم أتقدم خطوة واحدة بملء إرادتي، بل هو مسار الحياة الطبيعي الذي يجعلني أتقدم خطوة أو نصف خطوة إلى الأمام.
تجتاحني ذكريات حبّي الأول، ورؤيته خلسة على درج المنزل، ومشاجراتي الدائمة مع والدي الذي يريدني أن أقطع علاقتي به، في حين اعتبرها أنا قضيتي التي لا أساوم عليها... وعن المظاهرة الأولى التي شاركت فيها، عن قراءاتي لمهدي عامل في ذلك العمر الذي لم أكن أفقه فيه أي كلمة مما أقرأه، إلى نقاشاتي مع إخوتي عن المساواة بين المرأة والرجل، ونصيحة أخي الأكبر بأن أؤسس جمعية نسائية تدافع عن حقوق المرأة حين أكبر لينتهي من كل هذا، إلى المدرسة ورسالة يرميها لي أحدهم، ذلك الذي صادفته على موقع «فايسبوك» الإلكتروني مؤخراً، وراح يسرد لي ما كان يفعله حتى يحوز على انتباهي، فيما أنا منشغلة عنه في توزيع مجلة الثانوية، رغم أنف المعارضين.
وتجتاحني نوبات من الندم، يتبعه بكاء حاد وطويل...
حين أكون سكرى يجتاحني شعور بالندم، أندم على مواقف لم أكن فيها قوية بما يكفي، ثم يأتي البكاء، لأبدأ بالحديث عما كان سيحصل لو اتخذت ذاك الموقف وليس هذا، وأظن أن حياتي كانت ستتغير بالكامل، وأندم، لأعود وأبكي، إلى أن أبدأ بالضحك من جديد... حين أشعر بتحسن.
وتجتاحني نوبة من التأمل...
تعوم تلك القرية الصغيرة على تناقضاتها، هناك ولدت جميع أنواع الأنفلونزا ولم يصب أحد من قاطنيها، بلّ ورّدوها إلى الخارج، وهي حبة اللؤلؤ وخاتم الألماس، هي العيون الدامعة والحائرة، هي فتاة تبحث عن عشيق لم يلحظ حبها فذهب مع سواها، هي حالات المجون، وهي الثورة والنقاشات الحادة، هي انطلاقة الشباب، وهي المنفى لمن أحبها...
هناك فقط يحاصرني نبيذها فأسكر، فأحلق بعيداً حتى أستقر على سطح غيمة بيضاء، حيث أمضي ليلتي مع قمر، وحبة فستق أرميها وأضحك.
راحت تشكّل الغيمات، وتجعل منها مجسمات يسهل على الصغار معرفتها. كانت ترمي حبات الفستق، تتأمل من يلتقطها، وتضحك من ردة فعله. «نعم، السماء تمطر فستقاً، فهات قنينة النبيذ الأحمر، وأشرب نخب من تركوك وحيداً...».
سألته: ماذا تفعل حين تسكر؟ أجاب: أحب أن أضاجع عينيك. فقط عينيك! ففيهما تكمن شهوتك، ورائحتك. فيهما ألحظ معاناتك، نضالك، طفولتك، ومن عينيك أعلم أسرار علاقاتك السابقة، العابرة منها والجدية، وأرى فيهما معالم جسدك وخباياه.
سألها: ماذا تفعلين أنت حين تسكرين؟ أجابت: تجتاحني نوبات.
تجتاحني نوبة من الخيانة...
اتركوها. فهي لم تكن على علم. قلبها الرقيق والطيب يجعلها تخون حتى ذاتها. ولكن ماذا عن التجربة؟ كانت تعلم أنها ترتكب خطيئة وتستمر. ربما هو الفضول لاكتشاف الخيانة، أو للتمعن بما كان محجوبا عنها بفعل غطاء الصدق والإخلاص.
حين ذاقت أول قبلة لها على شفتها السفلى، كانت أيضاً بدافع الفضول والحشرية في تجربة تلك القبلة الأولى. لكنها سرعان ما انغمست في مرحلة عذاب الضمير، خيانتها لثقة والديها. في تلك اللحظات، تقطع عهداً على ذاتها بان لا تكررها ثانية، وبأن الجميع معرضون لارتكاب المعاصي. ولكن سرعان ما يتبخر ذلك الإحساس، وتصير تلك المعصية الصغيرة متعتها الذي يصر عليها حبيبها، وهي لا تملك سوى أن تضعف أمام عينيه.
وتستمر الخطيئة، ويستمر عذاب الضمير باتجاهاته المتعددة.
وتجتاحني نوبة من ذكريات...
أعود فيها دائماً إلى عمر الخامسة عشرة. فإلى اليوم، أشعر أني أقف على حافة ذلك العمر، وأخاف أن أعبرها. منذ ذلك الحين، أشعر بأني لم أتقدم خطوة واحدة بملء إرادتي، بل هو مسار الحياة الطبيعي الذي يجعلني أتقدم خطوة أو نصف خطوة إلى الأمام.
تجتاحني ذكريات حبّي الأول، ورؤيته خلسة على درج المنزل، ومشاجراتي الدائمة مع والدي الذي يريدني أن أقطع علاقتي به، في حين اعتبرها أنا قضيتي التي لا أساوم عليها... وعن المظاهرة الأولى التي شاركت فيها، عن قراءاتي لمهدي عامل في ذلك العمر الذي لم أكن أفقه فيه أي كلمة مما أقرأه، إلى نقاشاتي مع إخوتي عن المساواة بين المرأة والرجل، ونصيحة أخي الأكبر بأن أؤسس جمعية نسائية تدافع عن حقوق المرأة حين أكبر لينتهي من كل هذا، إلى المدرسة ورسالة يرميها لي أحدهم، ذلك الذي صادفته على موقع «فايسبوك» الإلكتروني مؤخراً، وراح يسرد لي ما كان يفعله حتى يحوز على انتباهي، فيما أنا منشغلة عنه في توزيع مجلة الثانوية، رغم أنف المعارضين.
وتجتاحني نوبات من الندم، يتبعه بكاء حاد وطويل...
حين أكون سكرى يجتاحني شعور بالندم، أندم على مواقف لم أكن فيها قوية بما يكفي، ثم يأتي البكاء، لأبدأ بالحديث عما كان سيحصل لو اتخذت ذاك الموقف وليس هذا، وأظن أن حياتي كانت ستتغير بالكامل، وأندم، لأعود وأبكي، إلى أن أبدأ بالضحك من جديد... حين أشعر بتحسن.
وتجتاحني نوبة من التأمل...
تعوم تلك القرية الصغيرة على تناقضاتها، هناك ولدت جميع أنواع الأنفلونزا ولم يصب أحد من قاطنيها، بلّ ورّدوها إلى الخارج، وهي حبة اللؤلؤ وخاتم الألماس، هي العيون الدامعة والحائرة، هي فتاة تبحث عن عشيق لم يلحظ حبها فذهب مع سواها، هي حالات المجون، وهي الثورة والنقاشات الحادة، هي انطلاقة الشباب، وهي المنفى لمن أحبها...
هناك فقط يحاصرني نبيذها فأسكر، فأحلق بعيداً حتى أستقر على سطح غيمة بيضاء، حيث أمضي ليلتي مع قمر، وحبة فستق أرميها وأضحك.
الأحد يناير 08, 2012 2:37 pm من طرف نعيم كمو
» صوت صديقتي
الأحد يناير 08, 2012 2:31 pm من طرف نعيم كمو
» وردة حمراء في الأفق البعيد
الجمعة يونيو 17, 2011 8:31 pm من طرف نعيم كمو
» أعيادك يا نيسان عيد الإستقلال الوطني في سوريه
السبت أبريل 16, 2011 6:26 pm من طرف نعيم كمو
» لماذا الرحيل
الجمعة أبريل 15, 2011 9:14 pm من طرف نعيم كمو
» حوار بين حواء وآدم
الأحد أبريل 10, 2011 8:51 pm من طرف نعيم كمو
» الفرق بين الأمس واليوم
الخميس أبريل 07, 2011 1:37 pm من طرف نعيم كمو
» وين الغوالي
السبت ديسمبر 18, 2010 6:29 pm من طرف ميشيل ميرو
» تعالي نسكن الفردوس
الأربعاء أكتوبر 20, 2010 9:19 pm من طرف نعيم كمو
» عدت يا صيف
الإثنين أكتوبر 11, 2010 8:21 pm من طرف امل